كوميديا الكبب والمحاشي
فرحان الخليل
الكوميديا هي حالة تكشف عن مجموعة الرؤى الثقافية التي تكون الطبيعة المجتمعية المتكونة ضمن سياق اقتصادي أفرزته الحالة السياسية , إذن هي لا تسخر ولا تنتقد فقط وإنما تشير على الخلل وتضع اليد على الجرح وتعلن بصوت مرتفع وتقول لا , لكن ما نراه اليوم من عروض مسرحية تندرج تحت تسمية الكوميديا وتلاقي جمهورا بعيدا عن الثقافة والفكر لا يعنيه من مشاهدة هكذا عروض سوى الترويح عن النفس , كما تلاقي من يدعمها قاصدا ويقدم لها ما يسمى "السبونسرات" لدعمها كي تكرس حالة ثقافية هدفها تفريغ البنى الفكرية الجادة وتبديلها لدى المشاهد وتحويل هذا المشاهد إلى مستهلك وطبل أجوف لا يعرف إلا أن يأكل الكبب والمحاشي ويتجشأ ثم يركب سيارته ويذهب إلى صالة العرض كي يملئ شدقيه من تهرجيات همام حوت المسفة والرخيصة , وفوق كل هذا يدفع سعر البطاقة خمسمائة ليرة سورية , وقد يعود مساء اليوم التالي مصطحبا حماته كي ترضى عليه . هذا هو جمهور همام حوت ملك الإسفاف وسيد المسخرات المسرحية , وفوق كل ذلك يستعير تسميات قد تقلب النفس والروح كـ "ليلة القبض على بكري" وقد يزايد على كل أحرار الوطن ومحبيه بتسميات طنانة ورنانة كـ " عليهم يا عرب " وكأن العرب كومة من القطيع يأتمرون بفرمانات الحوت , والغريب في الأمر أن القائمين على المسرح من لجان قراءة ولجان مشاهدة العروض يوافقون على هكذا إسفاف , والأغرب من ذلك أن المسرحيات الجادة أو الكوميدية الحقيقة تبقى شهورا كي تحصل على الموافقات .. وقد لا تحصل عليها ... فماذا نقول نحن المسرحيون ؟ أليس ما ذكرته كوميديا ؟ ولأن الكوميديا تجعل المشاهد أحيانا يبكي , فهل نبكي من الضحك أم نضحك من البكاء ...؟ لا أعرف , حقيقة لا